القواعد الحسان
هذا الكتاب
*يتناول أهم قضية تشغل السالكين فى طريق الآخرة مما يتعلق بعبادتهم وأسرار طاعتهم
وهو إحسان العبادة
*يعرض بطريقة عملية الوسائل التى بها يتمكن العباد من الانتفاع بشهر رمضان.
*يساعد على تحصيل لذة العبادة.
*يكشف المشكلات التى تواجه السائرين إلى الله فى طاعاتهم بما يساعدهم
على تلافيها وعلاجها.
*منهج عملى سلفى فى تزكية النفس.
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده، نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا
وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد
ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله تسليمًا
كثيرًا وعلى آله وصحبه وأزواجه وأتباعه إلى يوم وبعد…
فقد أجمع العقلاء على أن أنفس ما صرفت له الأوقات هو عبادة رب الأرض
والسموات، والسير في طريق الآخرة، وبذل ثمن الجنة، والسعاية للفكاك من
النار.
ولما كان هذا الطريق كغيره من الطرق والدروب تكتنفه السهول والوهاد
والوديان والجبال والمفاوز ويتربص على جنباته قطاع الطرق ولصوص القلوب،
احتاج السائر إلى تلمس خِرِّيتٍ( ) يبصره الدروب الآمنة، والمسالك
النافذة، ويعرفه مكامن اللصوص، وأفضل الأزمنة، أنسب الأوقات للجدّ في
السفر، وقد كان هذا الخريت هو منهج سلفنا الصالح في النسك، وطرائقهم في
السير إلى الله وعباراتهم في الدلالة عليه، كانت بحق خير مِعْوان على
انتحاء جهة الأمان.
وهذا النسك السلفي العتيق، والمنهج السني الرشيد في التزكية، لا غنى عنه
لكل طالب طريق السلامة، فلا عصمة لمنهج في مجمله إلا منهج السلف الصالح.
دع عنك ما قاله العصري منتحلاً
وبالعتيق تمسك قط واعتصمِ
ولما كانت الأزمنة الفاضلة من أنسب أوقات الجد والاجتهاد في الطاعة وكان
شهر رمضان من مواسم الجود الإلهي العميم، حيث تُعْتَق الرقاب من النار،
وتوزع الجوائز الربانية على الأصفياء والمجتهدين، كان لزامًا أن تتواصى
الهمم على تحصيل الغاية من مرضاة الرب في هذا الشهر، وهو من التواصي بالحق
المأمور به في سورة العصر، وإذا كان دعاة الباطل واللهو والفجور تتعاظم
هِمَمُهُم في الإعداد لغواية الخلق في هذا الشهر بما يذيعونه بين الناس من
مسلسلات ورقص ومجون وغناء، فأَخْلِقْ بأهل الإيمان أن ينافسوهم في هذا
الاستعداد، ولكن في البر والتقوى.
ولقد صامت أمتنا دهورًا، غير أن صومها لهذا الشهر ما كان يزيدها إلا بعدًا
عن ربها ومليكها وحاكمها الحقيقي، فصار رمضان موسمًا مفرّغًا من مضمونه
مجردًا من حقائقه، بل صار ميدانًا للعربدة وشغل الأوقات بما يغضب الكريم
المتعال.
ولو تجهزت الأمة لهذا الشهر الفضيل وأعدت له عدته، وشمر الناس جميعًا
سواعد الجد وشدوا مآزرهم في الطاعة لرأينا أمة جديدة تولد ولادة شرعية،
وذلك بعد استعداد جاد ومخاض عولجت فيه الهمم والعزائم لتدخل في الشهر وهي
وثابة إلى الطاعات.
وهذه الرسالة نصيحة لعام المسلمين بَثْتُها غَيْرةً على حالهم مع الله في
هذا الشهر، وجُهد مُقِلٍّ أبذله تأثّمًا، ويعلم ربي ما هنالك.
هي منهاج في كيفية الاستعداد لشهر رمضان، وجدول أعمال تفصيلي لما ينبغي أن
يقوم به سالك طريق الآخرة، إرشادات نفيسة من أئمة التربية والتزكية من
السلف الصالح تقود المرء قيادةً حثيثة للوصول إلى درب القَبول.
حرصْنا فيها أن تكون واقعية وعملية وتفصيلية، وقبل ذلك سلفية سنّية.
بينّا فيها طرق الاستعداد للشهر الكريم بعزيمة قوية قادرة على الاجتهاد
الحقيقي في الطاعة بدلاً من الأماني والأحلام، وأطلنا النَّفَس جداً في
بيان أسرار الطاعات والعبادات وكيفية تحصيل اللذة منها، وسردنا جملة من
العبادات المهجورة والطاعات المتروكة، ونصصنا على صفات بعض قطاع الطريق
إلى الله، في حنايا هذه الرسالة حرصنا على ذكر بعض منازل السائرين ومقامات
السالكين في طريق الآخرة حتى تتواثب الأشواق في قلوب المتنسكين ليصلوا إلى
ما وصل إليه القوم، ويحصّلوا المغفرة في شهر المغفرة والرحمة، وقد تركتُ
للنفس سجيتها في سطر هذه المعاني ولم أتانق كثيرًا في الترتيب والتبويب،
ولكن حرصت على النقل من الكتب المعتمدة عند علمائنا وشيوخنا، وما نقلته عن
الغزالي رحمه الله في الإحياء هذبته واختصرته ونقيته من كل ما يشوبه،
والحكمة ضالة المؤمن، وحرصت على الاستدلال بالأحاديث الصحاح والحسان إلا
بعض الأحاديث والآثار الضعيفة التي استأنست بها مع بيان ضعفها غالبًا.
وأنا لك ناصح أيها الحبيب: إذا أردت استفادة من هذا السفر فلا تمر على
ألفاظه مر الكرام، بل جُلْ بخواطرك حول المعنى ومعنى المعنى، فلقد
استلَلْتُ لك النقيَّ وانتقيت لك الأطايب، فإذا استدللت بآية فحُمْ حول
حماها ثم طف في أعماق مداها، وإذا ذكرت لك حديثًا فتمثل نفسك كأنك جالس
بين يدي النبي تسمعه وتتدبر عنه، وإذا رويت لك سيرة عبقري من السلف
فهَبْ نفسك ترمُقُه عن كثب كأنك في حضرته تشتار من رحيق كلماته، وبدون ذلك
فلا تتعنَّ، فإنما صنفناه لك لتتذوق لا لتقول للناس قرأته.
واعلم أخيرًا أن ما ذكرته لك في هذه الرسالة إن هي إلى محاولة لتكوين صورة
عن الشخصية الربانية ذات العلاقة العامرة بإله الكون، والمهيَّئة لسيادة
البشرية وإنقاذها من وَهْدَتِها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
.
وكتبه
المعتز بالله أبو محمد رضا بن أحمد صمدي
عفا الله عنه وعن والديه ومشايخه آمين
ظهر الخميس 17 صفر 1417هـ الموافق 7 يوليه 1996م
تابعوا معنا
في
القواعد الحسان
في
أسرار الطاعة والاستعداد
لرمضان
أسرار الطاعة والاستعداد
لرمضان