مصافحة طنطاوي وبيزيز تجعل البعض يسأل.. هل يمكن محاسبة شيخ الأزهر؟!

لا تزال تداعيات الصورة التي نشرتها الصحف والتي يصافح فيها شيخ الأزهر
الرئيس الإسرائيلي "شمعون بيريز" بكلتا يديه خلال مؤتمر الأمم المتحدة
لحوار الأديان تثير موجة من الجدل خاصة بعد أن اكتفى الدكتور عبد النبي
فراج رئيس مكتب شيخ الأزهر بتصريح مقتضب قال فيه "تلك الصورة تحسن صورة
الإسلام والمسلمين لأنها تدلل على سماحته" مضيفا أنه لم يأت بجديد لان
الرئيس نفسه يقوم بذلك"، فيما اعتبر فريق آخر أن الأمر تم بطريق الصدفة
فعلا ولا يحمل أي دلالات سياسية أو دينية.
لكن كثيرين ربطوا بين الصورة وبين بعض التصرفات والأفعال الأخرى التي
قام بها شيخ الأزهر من قبل ضاربين المثل بموافقته على جلد الصحفيين إن
أخطأوا، وموافقته على تلبية دعوة الزيارة للفاتيكان بعد الأزمة التي
أثارها خطاب بابا الفاتيكان منتقدا فيه الإسلام، كما أشار آخرون إلى شيخ
الأزهر الذي كان قد وصف من قبل رافضي التطبيع بأنهم "جهلاء وجبناء".
ويستشهد فريق ببعض المواقف الحاسمة لشيوخ الأزهر في السابق مثلما حدث
عندما طلق الملك فاروق الملكة فريدة، وطلب من الشيخ المراغي - يرحمه الله-
فتوى تحرم على الملكة المطلقة الزواج تحريماً مؤبداً، أسوة بأمهات
المؤمنين، من خلال قوله تعالى "وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن
تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيماً" – الآية 53 سورة
الأحزاب- فرفض الشيخ الجليل وقال للملك ومن تظن نفسك.
ولم تقتصر هيبة الأزهر على عصر الملك فقط، ففي عهد الرئيس محمد نجيب
كان الشيخ محمد الخضر حسين تونسي الأصل هو شيخ الأزهر.. وحين قررت فرنسا
عام 1953 نفي الملك المغربي محمد الخامس بعد أن عزلته، وولت غيره، بادر
الشيخ بعقد جلسة طارئة لهيئة كبار العلماء التي أصدرت بيانا نددت فيه
بسلوك فرنسا الاستعماري، واعتبرت من والاه من المغاربة خونة يبرأ الإسلام
منهم وأرسل البيان إلى جريدة الأهرام، فلم تنشره، فأرسل الشيخ البيان
مرفقا به استقالته إلى الرئيس محمد نجيب، الذي أمر بنشره تفاديا لما قد
يحدث!
يقول الدكتور "حمدي حسن" المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للإخوان
المسلمين لـ"بص وطل" لا يمكن بأي حال من الأحوال قبول ما قام به شيخ
الأزهر والذي يفترض أنه يمثل مؤسسة عريقة ترفض التطبيع بأي شكل، في الوقت
الذي يقتل فيه إخواننا في غزة مستنكراً أن يصافح الإمام الأكبر الإرهابي
بيريز وبكلتا يديه مع ابتسامة مودة لا تخفى على المشاهد؛ بدلاً من أن يقف
على منبر الأزهر يحث المسلمين على نصرة أهاليهم وإخوانهم في فلسطين ويشرف
بنفسه على جمع التبرعات المادية والعينية" وأن يناشد وينصح حكام بلاد
العرب والمسلمين بالعمل على فك الحصار عن غزة ودعم المقاومة ضد المحتلين
الصهاينة الذين يحتلون أولى القبلتين وثالث الحرمين".
وكان بيريز واحدا من بين أكثر من 15 زعيما عالميا لبوا دعوة الأمين
العام للأمم المتحدة "بان كي مون" لحضور مؤتمر "حوار الأديان" الذي عقد في
مقر الأمم المتحدة بنيويورك خلال الفترة من 11 إلى 13 نوفمبر الجاري. وقد
أبلغ "بيريز" من قبل مسؤولين في الأمم المتحدة ألا يحاول مصافحة خادم
الحرمين الملك "عبد الله بن عبد العزيز" قبل أو بعد الكلمة التي ألقاها في
الجمعية العمومية للأمم المتحدة وفصل فيها على قادة العالم أفكار مبادرته
للحوار والتعاون بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة.
بدوره طالب الكاتب الإسلامي الدكتور جابر قميحة شيخ الأزهر بأن "يعتذر
لكل المسلمين على هذه المصافحة المرفوضة ليس بالقول وإنما بالفعل الجاد
لنصرة القضية ونصرة أهالي فلسطين المحاصرين"
وأرجع في تصريح خاص لـ"بص وطل" ما حدث إلى كون وظيفة شيخ الأزهر
بالتعيين وليست بالانتخاب كما كان سابقاً بالرغم من كون الشورى أصلا من
الأصول الإسلامية في كل شئون الحياة من الأسرة حتى نظام الحكم ومن ثم فيجب
أن تكون مشيخة الأزهر منتقاة على أساس الشورى لا على أساس "التعيين" والذي
يلعب فيه الهوى السياسي دوراً كبيراً.
وفي رأيه يكمن الحل عن طريق أن يكون شيخ الأزهر بالانتخاب على الصورة
التالية باجتماع علماء المسلمين من جنسيات متعددة المشهود لهم بالعلم
الموسوعي وقبل هذا كله يتخلقون بأخلاق العلماء أمثال ابن تيمية والعز بن
عبد السلام حتى تعود مكانة شيخ الأزهر في النفوس والقلوب وليرسم صورة
ناصعة في صفحات التاريخ.
وعن وجهة النظر القانونية لإمكانية عزل شيخ الأزهر وفق حملة دشنها بعض
النشطاء والقوى السياسية على الإنترنت قال نبيه الوحش المحامي بالنقض
والدستورية العليا والذي طالب بالفعل بعزله من منصبه أكثر من مرة لـ"بص
وطل" يمكن عزل شيخ الأزهر في عدة حالات منها عند صدور حكم ضده ماس بالشرف
والأمانة أو لو صدر عنه ما لا يلائم صفة العضوية كالطعن في الإسلام أو
إنكار ما هو معلوم بالضرورة أو سلك سلوكاً ينتقص من قدره مسلم... وذلك
بقرار مسبب من مجمع البحوث الإسلامية يوافق عليه أغلبية الثلثين ويعتمده
الوزير المختص بشئون الأزهر بالإضافة إلى عجزه عن مباشرة أعماله أو ظروف
أخرى بقرار جمهوري بعد موافقة المجمع.